سنوات النمش
في تلك الليلة، كانت فرقة السماحي الموسيقية تجوب القرية، تنثر ألحانها حتى ساعات الفجر الأولى. وكأن شيئًا لم يحدث، لحقت بهم جدتي، جلست وسط الوسعاية، طلبت جوزتها، وأشعلت المعسل، تاركة وراءها جسد ابنها في انتظار الطقوس الأخيرة. غابت في السهر والغناء حتى شَبِعَت، ثم عادت، غسّلت الجثمان بيدين ثابتتين، قبل أن تدفعه مع الرجال ليدفنوه تحت غطاء الليل، بينما كانت أصداء الموسيقى تتلاشى شيئًا فشيئًا حتى وصلت خافتة إلى المقابر. بفضل جدتي، نجوت باسمي. لم يلتصق بي اسم عمِّ راحل، أو قريب بعيد، أو حتى أحد لصوص العائلة الذين كانوا مصدر فخر للجميع. وكأنه وعدٌ قديم، أن تمنحني اسمًا خاصًا بي، وأن أروي لها الحكايات... بينما تصنع هي الحكاية الأكبر.

















الرئيسية
فلتر
لا يوجد مراجعات